إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
  

552 ـ علي بن أبى طالب (23 ق.هـ ـ 40هـ) (600 ـ 661م)

علي بن أبي طالب بن عبدالمطلب بن هاشم بن عبدمناف بن قصي، يكنى أبا الحسن. صحابي،  وأمه فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبدمناف، وهو هاشمي قرشي من أبوين هاشميين. وهو ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وزوج ابنته فاطمة سيدة نساء العالمين. وأبو السبطين الحسن والحسين.

ولد بمكة المكرمة، وكان أصغر أبناء أبويه، وكان والده كثير العيال غير ميسور الحال، فاتفق رسول الله مع عميه حمزة والعباس ـ قبل البعثة ـ أن يخففوا عن أبي طالب مؤونة العيال، فأخذ العباس أحد أبناء أبي طالب، وأخذ حمزة ابن آخر آما علي فكان من نصيب رسول الله، فنشأ علي وتربى في بيت النبوة وشمله رسول الله بعطفه وحبه، وعرف العبادة من صلاة الرسول وزوجته، وأسلم في سن مبكرة قيل وهو ابن ثمان وقيل ابن عشر وقيل ابن اثني عشرة وقيل ابن ستة عشر، وهو الذي كرم الله وجهه بعدم السجود للأصنام. كان قوي الجسم، وعندما أراد رسول الله الهجرة، خلف علي بن أبي طالب بمكة لقضاء ديونه ورد الودائع التي كانت عنده، ونام في فراش النبي ليلة الهجرة، عندما عزم المشركون على قتل رسول عند خروجه من بيته. هاجر إلى المدينة، وشهد بدراً وأحد والخندق وبيعة الرضوان وجميع المشاهد مع رسول الله إلا تبوك، خلفه رسول الله مع أهله، وكان له في جميع المشاهد بلاء عظيم وأثر حسن، ومواقف شجاعة فقد ثبت يوم أحد وحنين حين فزع الناس وفروا. وكان اللواء بيده في أكثر المشاهد.

وهو أمير المؤمنين، ورابع الخلفاء الراشدين، وأحد العشرة المبشرين بالجنة، وحامل اللواء في أكثر المشاهد. والعشرة المبشرين بالجنة هم، عن عبدالرحمن بن عوف قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "أبو بكر في الجنة، وعمر في الجنة، وعثمان في الجنة، وعلى في الجنة، وطلحة في الجنة، والزبير في الجنة، وعبدالرحمن بن عوف في الجنة، وسعد بن أبي وقاص في الجنة، وسعيد بن زيد في الجنة، وأبو عبيدة بن الجراح في الجنة".  

خطب على بن أبي طالب فاطمة الزهراء بنت رسول الله، وأمهرها درعاً أهداه إليه الرسول، في غزوة بدر، فاشتراه عثمان بن عفان بأربعمائة وسبعين درهماً حملها علي ووضعها أمام الرسول فتناولها بيده الكريمة ثم دفعها إلى بلال بن أبي رباح ليشتري ببعضها طيباً وعطراً، ثم دفع الباقي إلى أم سلمة لتشتري جهاز العروس. ودعا الرسول صحابته فأشهدهم أنه زوَّج ابنته فاطمة من علي بن أبي طالب على أربعمائة مثقال من فضة، على السنة القائمة والفريضة الواجبة. وكان علي وقتها ابن خمس وعشرين عاماً، وفاطمة بنت ثمانية عشر عاماً، وعاشت فاطمة الزهراء في بيت علي زوجها عيشة توصف بالخشونة والفقر، وكانت تطحن الشعير بيدها، وعاش معها علي لا يقرن بها زوجة أخرى حتى ماتت بعد موت والدها صلى الله عليه وسلم، وهي لم تبلغ الثلاثين عاماً، وولدت له الحسن، والحسين، وأم كلثوم، وزينب.

في سنة 35 هـ، بعد مقتل عثمان بن عفان بايع الناس علي بن أبي طالب، وتخلف عن بيعته جماعة من الصحابة، منهم ابن عمر، وسعد، وأسامة، وغيرهم، فلم يلزمهم بالبيعة، وسئل علي عمن تخلف عن بيعته، فقال: أولئك قعدوا عن الحق، ولم ينصروا الباطل. وولي علي الخلافة في 25 من ذي الحجة عام 35هـ، وطالب بعض الصحابة القصاص من قتلة عثمان، ولكن علي طلب التريث في القصاص خوفاً من حدوث فتنة بين المسلمين، وغضبت السيدة عائشة من ذلك وأيدها في ذلك طلحة بن الزبير وانضم إليهم جمع كبير، وقاتلوا علي، فكانت وقعة الجمل سنة 36 هـ، راح ضحيتها عدد كثير من القتلى من الطرفين، وانتهت بنصر علي بن أبي طالب، وكان علي في يوم توليه الخلافة قد أمر بعزل معاوية بن أبي سفيان عن ولاية الشام، فعصاه معاوية، فكانت وقعة صفين سنة 37هـ، بين علي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان، وقتل فيها عدد كبير من الطرفين، منهم عما بن ياسر الصحابي المشهور وكان مع علي، واستمرت مائة وعشرة أيام، وانتهى القتال فيها بتحكيم أبي موسى الأشعري نيابة عن علي وجيشه، وتحكيم عمرو بن العاص نيابة عن معاوية وأتباعه، واتفقا المحكمين سراً على خلع معاوية، وأعلن أبو موسى الأشعري ذلك، أما عمرو فأقر معاوية. فترتب علي ذلك تفرق المسلمون إلى ثلاث فرق: الفرقة الأولى وهم أهل الشام بايعت معاوية بن أبي سفيان، والفرقة الثانية وهم أهل الكوفة ظلت على بيعتها لعلي بن أبي طالب، أما الفرقة الثالثة نقمت على الإمام علي بن أبي طالب لقبوله التحكيم باعتبار أن الخلافة تكليف له وليس له التنازل عنها أو قبول التحكيم فيها،وكَفّروا علي بن أبي طالب، وهؤلاء هم من يسمون بالخوارج. فكانت وقعة النهروان سنة 38هـ، بين علي بن أبي طالب والخوارج، فقتل أكثر الخوارج، وجرح منهم كثير. واجتمع ثلاثة من الخوارج وهم عبدالرحمن بن ملجم، والبرك بن عبدالله، وعمرو بن بكر التميمي، فتدارسوا ما حدث من اقتتال بين المسلمين بسبب ولاتهم، فقرروا التخلص من ولاتهم، واتفقوا على أن يتولى عبدالرحمن ابن ملجم قتل علي بن أبي طالب، ويتولى البرك بن عبدالله قتل معاوية، أما عمرو بن بكر فيتولى قتل عمرو بن العاص، وقد تعاهد الثلاثة على تنفيذ ما اتفقوا عليه ليلة السابع عشر من رمضان، فتربص عمرو بن بكر بعمرو بن العاص فلم يخرج عمرو بن العاص في هذه الليلة، وخرج بدلاً منه خارجة بن حذافة فضربه عمرو بن بكر بالسيف ظناً منه أنه عمرو بن العاص فقتله، كما تربص البرك بن عبدال،له لمعاوية بن سفيان فضربه بسيفه فأصابه ولم يقتل معاوية، أما عبدالرحمن بن ملجم، فذهب للكوفة لقتل علي، فقابل امرأة يقال لها قطام، بارعة الجمال، كان أبوها وأخوها ممن قُتل من الخوارج في معركة النهروان، وتقدم ابن ملجم لخطبتها، فاشترطت مهراً لا تريد سواه وهو ثلاثة آلاف دينار، وقتل علي بن أبي طالب. فأخبرها بسبب قدومه للكوفة، ونفذ لها ما أرادت وما قدم من أجله. فاستشهد علي بالكوفة ليلة 17 من رمضان سنة 40هـ، وكانت مدة خلافته أربع سنين وثمانية أشهر و22 يوماً. روى عن النبي 586 حديثاً، وكان نقش خاتمه (الله الملك)، وجمعت خطبه ورسائله في كتاب سمي "نهج البلاغة ـ ط" ولأكثر الباحثين شك في نسبته كله إليه. ومما كتب المؤرخون في سيرته، "عبقرية الإمام ـ ط" لعباس محمود العقاد، و "على وبنوه" لطه حسين، و "الإمام علي ـ ط" عدة أجزاء لعبدالفتاح عبدالمقصود.